كتب: د. ماجد أبودية
يعتبر بنك سيليكون فالي (SVB) ضمن أكبر 16 بنكا في أمريكا، لما يتمتع به من أصول ضخمة تصل إلى 209 مليار دولار، وهو متخصص بتمويل الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، وهذا ما أدى إلى مضاعفة ودائعه أكثر من 4 مرات خلال 4 سنوات (من 44 مليار دولار في 2017 إلى 189 مليارا في نهاية 2021)، فيما نمت قروضه التي يقدمها للشركات الناشئة من 23 مليار دولار إلى 66 مليارا نظرا لأن البنوك تجني الأرباح من الفارق بين سعر الفائدة الذي تدفعه على الودائع والسعر الذي يدفعه المقترضون.
لا شك أن السياسة التي اتبعها الفيدرالي الأمريكي في مواجهة التضخم، والتي تمثلت في الرفع المستمر للفائدة حتى وصلت إلى 4.65%، زاد العبء على البنوك، عندما تراجع الاقتراض بسبب أسعار الفائدة المرتفعة على الاقراض.
فاقدم البنك على خطوة لم تكن مدروسة جيدا حينما قام هذا البنك ببيع 21 مليار دولار قيمة سندات طويلة الأمد بخصم كبير ليجني بعض المال لكنه خسر في هذه العملية 1.8 مليار دولار.
ولم يقف عند هذا الحد بل لجأ يوم الأربعاء الماضي 8 مارس لبيع أسهم إضافية في السوق ليجني 2.5 مليار دولار كي يعزز قاعدته المالية ويحسن البيانات المالية له، لكن هذا الطرح صدم الجمهور، الذي شعر أن هناك مشكلة سيولة، فتهافتت البنوك والمستثمرون والعملاء على بيع أسهمهم في بعض البنوك الأمريكية، مما اضطر بورصة وول ستريت الى إيقاف التداول في مؤشر ناسدك نتيجة خسارة بعض البنوك حوالي 52 مليار دولار.
وفي نفس التوقيت ساد الخوف والهلع المودعين الذين بادروا بسحب ودائعهم مما أدى إلى انهيار عمليات البنك، اضطر البنك المركزي الامريكي لاتخاذ قرار بإغلاق البنك بعد فقدان السيطرة، وما رافقه من هبوط حاد في أسعار الأسهم وصل إلى 60%.
في محاولات الانقاذ التي جرت من قبل الإدارة الأمريكية تبين أن البنك قام سابقا بربط 91 مليار دولار من أموال المودعين في أدوات مالية غير مضمونة وغير آمنة مثل رهانات قروض الإسكان والعقار، والسندات طويلة الأمد وفي هذه العملية خسر 15 مليار دولار أمريكي أيضا، وبذلك أصبح بنك سيلكون فالي مكشوفا، وانهار.
ورغم طمأنة المؤسسة الفيدرالية للودائع عملاء البنك، انهم سيحصلون على اموالهم المؤمنه كاملا ، كما ستدفع على الودائع للمودعين غير المؤمن عليهم عائدا مقدما في غضون هذا الأسبوع، وسيحصل المودعون غير المؤمن عليهم على شهادة حراسة للمبلغ المتبقي من أموالهم غير المؤمن عليها.
ومحاولات الرئيس الأميركي جو بايدن وصناع السياسات الآخرين في تهدئة الأسواق، الا ان توابع انهيار «بنك سيليكون فالي، أدت لاستمرار خسائر أسهم البنوك العالمية، اليوم (الثلاثاء)، ووسط مخاوف المستثمرين من حدوث انهيارات إضافية، من المتوقع ان يحجم مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) عن رفع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل، في إطار سياسة طمأنة الاسواق والحفاظ على استقرارها، ووقف نزيف الخسائر في أسعار أسهم المصارف والبنوك الأمريكية.
في الختام لا شك أن هذه الحادثة ستؤثر على المكانة الدولية لعملة الدولار، وأسعار صرفها مقابل باقي العملات العالمية، كما أنه متوقع ان تشهد أسواق أخرى نشاطا كبيرا، نتيجة انتقال رؤوس الأموال إليها، مثل سوق العملات الرقمية، الذي شهد اليوم صعود قوي ومفاجئ.
0 تعليقات